قال الشارح: '' { وقوله: عبده ورسوله } أتى بهاتين الصفتين, وجمعهما دفعاً للإفراط والتفريط.
فإن كثيراً ممن يدعي أنه من أمته: أفرط بالغلو قولاً وفعلاً، وفرّط بترك متابعته، وأعتمد على الآراء المخالفة لما جاء به, وتعسف في تأويل أخباره وأحكامه, بصرفها عن مدلولها، والصدوف عن الانقياد لها مع اطِّراحها، فإن شهادة أن محمداً رسول الله: تقتضي الإيمان به, وتصديقه فيما أخبر, وطاعته فيما أمر, والانتهاء عمّا عنه نهى وزجر، وأن يعظم أمره ونهيه، ولا يُقدَّم عليه قول أحد كائناً من كان، والواقع اليوم وقبله ممن ينتسب إلى العلم من القضاة والمفتين خلاف ذلك! فالله المستعان ''.
أقول: الشيخ رحمه الله يقول: إن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { عبد الله ورسوله } فيها دفع لجانبي الإفراط والتفريط, وعادة الناس -إلا من رحم الله وثبته على الصراط المستقيم- إما أن يفرط وإما أن يفرّط، وليس هذا خاصاً بنظرة الناس إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو حكمهم عليه, بل حتى في أحكام الناس اليومية تقريباً، فالواحد منا يمدح فلاناً، أو يمدح الشيء حتى يغلو فيه بالمرة، وإما يقول: ليس فيه خير، ولا يساوي شيئاً.
فالعدل قليل, وأقل شيء في الناس هو القصد والتوسط والعدل، لكن هذه هي حقيقة الدين بالنسبة لما يتعلق برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فالألوهية لله وحده سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والربوبية لله وحده، ولها أوصافها ولها خصائصها، وأما هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو عبد الله ورسوله.